هل يُشتَقُّ اسم المفعول من فعلٍ مبنيٍّ للمجهول، أم من فعلٍ مبنيٍّ للمعلوم؟
لماذا يصاغ اسم المفعول من الفعل المبني للمجهول: هل يُشتَقُّ اسم المفعول من فعلٍ مبنيٍّ للمجهول، أم من فعلٍ مبنيٍّ للمعلوم؟
الإجابة على السُّؤال،
اسم المفعول هو
اسم مشتق يصاغ من الفعل المبني للمجهول ليدل على من وقع عليه الفعل حدوثاً لا ثبوتاً .نحو : مَعقود ، مُحطَّم ....
رغم أنَّني أعتقد أنَّ الإجابة بدهيَّة جدًّا، وأوضح من أن تُوَضَّح، دعونا نلفت النَّظر إلى ما يلي:
أوَّلا: المراد بالاشتقاق الأصل الذي صِيغ منه الاسم المشتقُّ، ولا يُشترَط ذكر هذا الأصل على هيئة فعلٍ أصلا.
فلو افترضنا مثلا أنَّ الطَّالب سُئل: اسم المفعول (مكتوب ) مشتقٌّ من (أكمل ).
1 – لو أجاب الطَّالب قائلا: اسم المفعول (مكتوب ) مشتقٌّ من الكتابة.
فإجابته صحيحة مائة بالمائة.
2 – ولو أجاب قائلا: اسم المفعول (مكتوب ) مشتقٌّ من (كتب ) [هكذا دون تشكيلٍ ].
فإجابته صحيحة مائة بالمائة.
3 - ولو أجاب قائلا: اسم المفعول (مكتوب ) مشتقٌّ من (ك ت ب ).
فإجابته صحيحة مائة بالمائة.
فهو في جميع هذه الإجابات السَّابقة حدَّد الجذر اللُّغويَّ (الذي يتكوَّن غالبًا من ثلاثة أحرفٍ ) للاسم المشتقِّ المحدَّد، وليس مطلوبًا منه أكثر من ذلك للإجابة على السُّؤال بصيغته المذكورة.
إذن
اسم الفاعل (عالم )، واسم المفعول (معلوم )، وصيغة المبالغة (عليم )، واسم التَّفضيل (أعلم )، جميعها مشتقَّة من: العلم √ - علم √ - ع ل م
ثانيًا: القول بأنَّ اسم المفعول مصوغ من فعلٍ مبنيٍّ للمجهول، رغم أنَّه صحيح مليون في المائة، إلا أنَّه يتسبَّب في وقوعنا جميعًا في تناقضٍ مؤسفٍ؛ حيث، ورغم أنَّنا نؤكِّد جميعًا لتلاميذنا أنَّ اسم المفعول لا يُصَاغ إلا من الفعل المبنيِّ للمجهول، إلا أنَّنا لا ننفكُّ نطلب منهم صياغة اسم المفعول من أفعالٍ مبنيَّةٍ للمعلوم!!
فنقول للطَّالب مثلا: صُغ اسم المفعول من الفعل (قال ).
ونقول له أيضًا على سبيل المثال: صُغ اسم الفاعل واسم المفعول من الفعل (أقام ).
رغم أنَّ (قال ) مبنيٌّ للمعلوم، ونحن نقول بألسنتنا إنَّ اسم المفعول لا يُصَاغ إلا من المبنيِّ للمجهول!!
ورغم أنَّه لا يُعقَل – في السُّؤال الثَّاني - صياغة اسم الفاعل واسم المفعول من نفس الفعل؛ إذ المفترض أنَّ اسم الفاعل يُصَاغ من الفعل المبنيِّ للمعلوم، بينما يُصَاغ اسم المفعول من الفعل المبنيِّ للمجهول!!
هذا تناقض أُقِرُّ به، وأستهجنه بصراحةٍ، ولكنَّ حلَّ هذا التَّناقُض لا يمكن أن يكون عبر إنكار الحقيقة الباهرة التي لا تقبل الجدال، وهي أنَّ اسم المفعول مصوغ من الفعل المبنيِّ للمجهول.
نعم، هذه هي الحقيقة، وهذه هي إجابة السُّؤال: اسم الفاعل يُصَاغ من الفعل المبنيِّ للمعلوم، واسم المفعول يُصَاغ من الفعل المبنيِّ للمجهول.
فإذا طُلِب من الممتحن بوضوحٍ ذكر (الفعل الماضي الذي صِيغ منه اسم المفعول مضروب مضبوطًا بالشَّكل ) فإنَّ عليه أن يُجيب هكذا: ضُرِب (بالبناء للمجهول )، ومن حقِّ المصحِّح في حالة عدم بنائه للمجهول أن يخصم ولو جزءًا من الدَّرجة المستحقَّة عن السُّؤال.
أمَّا إذا لم يطلب منه الضَّبط بالشَّكل، فليس على الطَّالب حرج في كتابته هكذا (ضرب )؛ إذ إنَّنا غير معتادِين على الضَّبط بالشَّكل، وربَّما كتبه (ضرب ) وهو يقصده مبنيًّا للمجهول، وعلى هذا لا يحقُّ للمصحِّح حرمانه من أيِّ جزءٍ من الدَّرجة.
لماذا يصاغ اسم المفعول من الفعل المبني للمجهول
أمَّا عن الدَّليل على حقيقة كون اسم المفعول يُصَاغ من المبنيِّ للمجهول، فإنَّني لن أقول إنَّ دليلي أنَّ فلانًا من النُّحاة قد ذكر ذلك، بل لا أعرف رأي النُّحاة في المسألة أصلا، وإن كنتُ أتوقَّع أنَّ هناك مَن قال كذا، وهناك مَن خالفه وقال كذا، وهكذا آلاف المواضع في النَّحو كما نعلم جميعًا.
ولذلك، سأكتفي بالأدلَّة العقليَّة وحدها، ولا أعتقد أنَّها تخفى عليكم جميعًا:
أ. الولد قارئ الكتاب.
لو عوَّضتَ عن المشتقِّ بالفعل منه، فلن يمكنك استخدام الفعل إلا مبنيًّا للمعلوم: الولد قَرَأَ (يَقْرَأُ ) الكتاب.
بينما: الكتاب مقروء.
لا يمكنك التَّعويض نهائيًّا عن اسم المفعول، ولا يمكن أن يستقيم المعنى، إلا بالفعل المبنيِّ للمجهول: الكتاب قُرِئ (يُقْرَأُ ).
ب. إذا قلنا:
- ما قارئٌ الولدُ الكتابَ.
- المؤمن محمودة سيرته.
فلماذا نعرب (الولد ) في الجملة الأولى فاعلا (ولا نعربها نائب فاعلٍ )؟
ولماذا نعرب (سيرته ) في الجملة الثَّانية نائب فاعل (ولا نعربها فاعلا )؟
الإجابة ببساطةٍ: لأنَّ الاسم المشتقَّ العامل يعمل نفس عمل فعله الذي اُشتُقَّ منه.
ولأنَّ اسم الفاعل يُشتَقُّ من الفعل المبنيِّ للمعلوم، فإنَّ معموله – في الجملة الأولى - أعرِب فاعلا، بينما أُعرِب معمول اسم المفعول نائب فاعلٍ في الجملة الثَّانية؛ لأنَّه مشتقٌّ من الفعل المبنيِّ للمجهول.
طريقة صوغه
يصاغ اسم المفعول من الثلاثي و من الفعل فوق الثلاثي
أولاً - من الفعل الثلاثي :
يصاغ على وزن ( مغعول ) .
نحو : ضُرِبَ --- مضروب ، كُتِبَ ------ مكتوب .
جُنّ --- مجنون ، وُلِد --- مولود
فإن كان فعله معتلاً أجوفاً بالألف فيُصاغ على وزن
مضارعه بالطريقة الآتية :
- نأتي بمضارعه ثم نحذف حرف المضارعة ونضع بدلاً
منه ميماً مفتوحة كما نحذف ( واو ) اسم المفعول.
نحو :
الماضي(صان) -المضارع (يصون)-اسم المفعول(مَصون)
الماضي (باع) -- المضارع (يبيع) --اسم المفعول( مَبيع )
الأصل منه : مصوْوْن ، مبيْوْع.
#وتوضيح_ذلك: نقلت الضمة التي على الواو الأولى إلى الحرف الذي قبلها فاجتمع في الكلمة ساكنان فحذف الساكن الثاني وهو واو اسم المفعول فأصبحت الكلمة بهذا الشكل .
وإن كان فعله معتل الآخر فيُصاغ بالطريقة الآتية :
- نأتي بمضارعه ونقلب حرف المضارعة ميماً مفتوحة
و تضعيف ( تشديد ) الحرف الأخير.
نحو :
الماضي( دعا ) -المضارع( يدعو )-اسم المفعول( مَدعوّ )
الماضي( نفى ) -المضارع ( ينفي )-اسم المفعول( مَنفيّ )
توضيح ذلك :
- منفيّ أصلها ( منفوي ) اجتمعت الواو الساكنة والياء والأولى فقلبت الواو ياء لزيادتها وقربها من الطرف فصارت(منفيي ) ثم التقى متماثلان هما الياء فأدغمت الأولى في الثانية فأصبحت منفُيّ ثم قلبت ضمة الفاء كسرة لمناسبة الياء فأصبحت (منفِيّ) على وزن مفعول.
- مدعوّ أصلها (مدعوو) التقى متماثلان هما الواوان فأدغمت الأول في الثانية وصحت الواو لأن العين مفتوحة فصارت ( مدعوّ ) على وزن مفعول
ثانياً - من الفعل فوق الثلاثي :
يُصاغ اسم المفعول من الفعل فوق الثّلاثي المبني للمجهول بإبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة وفتح ما قبل آخره
نحو :
الماضي (أكرم)-المضارع (يُكرَم) -اسم المفعول (مُكرَم)
الماضي(ساعدَ)-المضارع(يُساعَدُ) -اسم المفعول(مُساعَد)
الماضي(استخدمَ) المضارع(يُستخدَمُ) اسم المفعول (مُستخدِم).
فإن كان الحرف الذي قبل آخر الفعل المضارع ياءً فإنّه
ينقلب إلى ألف في صيغة اسم المفعول .
نحو :
الماضي(أعان) -المضارع (يُعينُ)اسم المفعول(مُعان)
الماضي(استعاد)المضارع(يستعيد)اسم المفعول (مُستعاد)
وإن كان الحرف الذي قبل آخر الفعل المضارع ألفاً فإنّها
تبقى كما هي في صيغة اسم المفعول .
نحو :
الماضي(اختار) المضارع (يختار)اسم المفعول(مُختار)
وإن صيغ اسم المفعول من الفعل اللازم المبني
للمجهول فلابدّ من ذكر شبه الجملة معه .
نحو : هذا واقعٌ مأسوفٌ عليه.
عمل أسم المفعول
يعمل اسم المغعول عمل فعله المبني للمجهول فيرفع نائب فاعل . نحو : المؤمنُ محمودٌ خلقُهُ .
- خلقه : نائب فاعل لاسم المفعول مرفوع بالضمة ..
شروط عمل أسم المفعول
يعمل اسم المفعول في حالتين :
أ- إِذا كان مُعرّفاً بأل عمل بدون شرط.
نحو : وصل المُعَزُّ جارُهُ.
عمل اسم المفعول ( المُعَزُّ ) عمل فعله المبني للمجهول ورفع نائب فاعل( جارُهُ ) كونه معرّف بأل .
ب- إِذا لم يكن محلّى( بأل ) فلابدَّ لعمله من شرطين :
١- أَن يكون دالاً على الحال أَو الاستقبال.
٢- أَن يسبق بنفي ، نحو : ما مُخْلَفٌ وعدُهُ محترمٌ .
- مُخلف: اسم مغعول ، وعده :نائب فاعل لاسم المفعول
مُخلَف.
وقد عمل اسم المغعول لكونه مسبوقاً بنفي ( ما ) .
أو استفهام ، نحو : هل مقبولٌ طلبُ الرجل؟ .
- مقبول : اسم فاعل ، رأيُ : نائب فاعل لاسم المفعول
مقبول.
وقد عمل اسم المفعول مقبول لكونه مسبوقاً باستفهام.
أومبتدأ ووقع خبراً له ، نحو : المكتبةُ محفوظةٌ كُتبُها.
- محفوظة : اسم مفعول ، كتبها : نائب فاعل لاسم
المفعول محفوظة .
وقد عمل اسم المفعول محفوظة لكونه مسبوقاً بمبتدأ .
أَو أن يكون صفة لموصوف قبله .
نحو : هذا منزلٌ مُرتّبٌ أثاثُهُ.
- مُرتّب: اسم مفعول ، أثاثه :نائب فاعل لاسم المفعول
مرتّب: صفة للمنزل مرفوعة بالضمة ..
وقد عمل اسم المفعول لكونه وقع صفة لموصوف قبله.
أَو وقع حالاً في الجملة .
نحو: انسحب العدوُّ مهزوماً جندُهُ .
- مهزوماً : اسم مفعول .
- جندُه : نائب فاعل لاسم المفعول مهزوم .
وقد عمل اسم المفعول لكونه وقع حالاً في الجملة.
ملاحظة:
- إذا صيغ اسم المفعول من فعل متعدًّ لمفعولين رفع
اسم المفعول المفعول به الأول على أنه نائب فاعل
ونصب الثاني على أنه " مفعول به ثانٍ " .
نحو : أمكسوٌّ الفقيرُ ثوباً ؟
- الفقير : نائب فاعل لاسم المفعول (مكسوّ).
- ثوباً : مفعول به ثانٍ لاسم المفعول( مكسوّ) .